الثلاثاء، 13 أكتوبر 2009

نظرة في أزمة الفتيات من المنتقبات و فتوى الأزهر

لا يخفى على المهتم بمتابعة وسائل الإعلام و الإنترنت و الصحف العربية و المحلية ما آلت إليه القضية و تداعياتها على الحرية الشخصية للطالبة المصرية سواء كانت صغيرة أو كبيرة في إلتزامها بمبادئء شرعية تعتنقها و نظرة العالم للأزهر و بعض فتاواه ، من ذلك بعض مطالعتي للصحف العربية و منها ما جاء أمس في صحيفة الوطن السعودية بعنوان "انتكاسة الشيخ" ، و الحق هو اغفال الفتوى لآراء المذاهب الأربعة الفقهية الثابتة في أمر انتقاب المرأة و ارتكازها كما بين العلماء الذين تصدو للرد على الفتوى على آراء كلامية ضعيفة و اغفلت أيضا كيف أن الإسلام دين سمح يسع الجميع و لا يحب الإكراه و من ناحية المعترضين خارج مصر كيف أن الناقدين لفتاوى شيخ الأزهر انتقلوا لنقد المؤسسة الأزهرية ككل و نسوا تاريخ الأزهر ليمحى بفتوى واحدة!!

و لا بخفى أن الفتوى هزت مشاعر المسلمين سلبا و الفتاة المسلمة المنتقبة خصوصا ... و لا مجال لمناقشة الأمر الذي اعتبره "دور انفلونزا و يعدي". و القضاء المصري الحكيم كفيل بإعادة التوازن لأي مسألة حين يشتط الأمر بأي متعدي على حق صغير او كبير.

و لكني استفقت من ذلك الغم على جانب إيجابي في الموضوع ، فقد أعجبني حديث الشيخ محمد حسان في أدب الحوار و نقده للفتوى المذكورة بكل أدب و لياقة و دعوته لنبذ الخلاف كما يليق بفضيلته و أعجبني دفاع الشيخ عبد الملك الزغبي عن الأزهر الشريف و رجالاته القدام و علماؤه الكبار و حفظه لعلوم العربية و القرآن و الحديث في مصر ، و أعجبني علم الشيخ أبي إسحق الحويني في طرحه للقضية و مآلها و علم الشيخ مازن السرساوي و تاصيله للموضوع و نبذه للباطل ، و سعدت بعلوم الدين مرة بعد مرة و كأن حبي لعلوم ديني لا يزال يتجدد و كيف أن ديننا الحنيف علم راسخ و بناء شامخ لا ينهدم و لا يتفتت عزمه ، و سيظل عزيزا بأمر الله و حفظه.

و أعجبني ما قرأت عن الإمام جاد الحق و غيره من علماء مصر و الأزهر ، و تمنيت لو أنني رأيتهم ، و شعرت بالسلام الذي كان بداخلهم و كيف عاشوا يانسجام ما بين الدين و الواقع ، و اضفوا بذلك الشفافية على علاقتهم بالناس و اكتسبوا الحب ، الحب في الله الذي لا يعلوه أي حب آخر و لا لأي شيء آخر.

و بعد كل هذا أجد الأمر كله مآله إن شاء الله إلى الريح تذره ذر الرماد في الهواء ، الذلة تقع و البناء يرتفع .... و ستظل بلادنا بلاد العلم و الأدب و الدين.